مقالات الرأي الطبيمقالات طبية

أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية – الفصل الرابع من كتاب “الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء”

(هذا هو الفصل الرابع من كتاب: “الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء” لمؤلفه الدكتور عصام منصور – ويعرض هذا الفصل لتوضيح أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية)

انتقل للفصل الثالث من هنا: ((علاقة الطب النبوي بالسنة النبوية))


وينقسم ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور الطبية إلى :

وردت الكثير من الأمور الطبية في سنة النبي صلى الله عليه وسلم - فما هي أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية
وردت الكثير من الأمور الطبية في سنة النبي صلى الله عليه وسلم – فما هي أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية؟

القسم الأول: ما يعتبر معجزة مقصودها إثبات النبوة

وهذه لا يقول أحد بأنها سنة تتبع لأنها خارقة للنواميس يجريها الله على أيدي أنبيائه, مثل ما ورد في صحيح مسلم وهو يتحدث عن أمور وقعت يوم خيبر ” قال سلمة: “…….. ثم أرسلني إلى علي، وهو أرمد فقال (لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله) قال: فأتيت عليا فجئت به أقوده، وهو أرمد. حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبسق في عينيه فبرأ. وأعطاه الراية ” .

وهذه معجزات مادية ثبتت بالصحاح من الحديث وغيرها كثير في الطب وغيره كانشقاق القمر وتسبيح الحصى وحنين الجذع وغيرها, أيد الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم, ولكن المسلمين غفلوا عنها بالمعجزة الكبرى المتحدى بها إلى يوم القيامة وهي القرآن الكريم , و التي أغنت المسلمين في التحدي عن غيرها، لأن الحديث عن هذه المعجزات المادية الثابتة بالسنة إنما تلزم المسلمين وغير المسلمين في وقتها لأن غير المسلمين رأوها فآمنوا بها وأسلموا، أو أنكروها جحوداً وكبراً وبقوا على كفرهم.

أما بعد ذلك فإنها كسائر معجزات الأنبياء المادية لا يستطيع صاحبها أن يثبتها لغير المؤمن بصحة الدليل المستخدم في ذلك، وهو عند المسلمين الحديث، وعند اليهود والنصارى التوراة والإنجيل، وفي القرآن والسنة غناء عن الصحيح منهما وزيادة.

ولا يؤمن الملحد أصلاً بأي من الكتب الثلاثة، فلا يستطيع اليهودي مثلاً أن يثبت للملحد أن موسى عليه السلام قد شق البحر وحول العصا إلى حية تسعى، فأين الدليل المقنع للملحد وهو لا يؤمن بالتوراة ولم ير بعينه هذه المعجزات. وحتى الذي يريد أن يقنعه بها من اليهود لم يرها بعينه هو ولا أبوه ولا جده. فإذا قال له الملحد أن هذا لم يحدث، سيقف اليهودي حائراً لا يستطيع رداً ولا إثبات معجزة نبيه.

وكذلك لا يستطيع النصراني أن يثبت لغير النصراني أن عيسى عليه السلام قد أحيا الموتى، لأن دليله هو حكايات أب عن جد لا تلزم أحداً بالتصديق. وكذلك ما جاء في الإنجيل، وهذه لا يؤمن بها إلا المؤمن بالإنجيل ككتاب من الله. وأيضاً إذا قال الملحد أو اليهودي إن عيسى لم يحي الموتى، فإن أحداً لا يستطيع ان يلزمه الحجة، لأن أحداً أيضاً لم يرها إلا من عاصرها.

أما نحن المسلمين فنؤمن بمعجزات عيسى وموسى عليهما السلام، لا لأن أتباعهما أقنعونا بذلك، ولكن لأن القرآن ذكر لنا هذا ونحن نؤمن بالقرآن كتاباً من عند الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولما كان محمد صلى الله عليه و سلم هو النبي الخاتم، ودينه هو آخر ما نزل من عند الله، ولن يأتي بعده نبي يرد الناس إذا ضلوا.

فكان لزاماً أن تكون معه معجزة أخرى لا كمعجزة غيره من الأنبياء السابقين. معجزة معاشة في كل عصر. باقية في دنيا الناس كل الناس، يمكن رؤيتها والإمساك بها في كل حين. يستدل بها من يريد أن يثبت نسبة هذا الدين إلى الله عز وجل، فكان هذا القرآن.

فمن لم يؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد شق الله له القمر، وسبح الحصى في يده، وحن له الجزع، وأبرأ الكسير والأرمد بإذن الله، نقول له لا بأس، فهذه معجزات يؤمن بها المسلمون كسائر معجزات الأنبياء التي يؤمن بها أصحابها.

ولكن هناك معجزة أخرى تلزمك، فهذا هو القرآن المتحدى به منذ قرون طويلة، ومازال يتحدى، وبدل قبول التحدي من أمم بلغ بها العلم صعود الأقمار والكواكب، تراها تشن الحروب على الإسلام والمسلمين ، فتفني ملايين البشر، وتضيع مليارات الدولارات، بينما الإسلام يتحدى فقط بإثبات أن القرآن يمكن صياغة مثله، أو مثل بعضه، فيقول هاتوا علماءكم، وآلاتكم الحاسبة، وبرامجها العملاقة، واصنعوا قليلاً مثل هذا القرآن.

ثم يجزم بأنهم لن يستطيعوا، فيقول تعالى: “فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِى وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَٰفِرِينَ” كما قال تعالى: “أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ,فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُون ” ( سورة هود ,آية 13 و 14 ).

فكون القرآن هو معجزة الإسلام الكبرى شغل كثيراً من المسلمين عن كم المعجزات المادية للنبي صلى الله عليه وسلم في الطب وغيره.

وغني عن الذكر أن هذه المعجزات الطبية التي أجراها الله على يديه صلى الله عليه وسلم ليس مقصوداً منها الإتباع، لأنها مستحيلة على غيره، فبهذا كانت المعجزة.


القسم الثاني: أمور كانت مستخدمة في العلاج قبل الإسلام تنافي التوحيد

وهو مثل تعليق خرزة لعلاج الخراج أو رد العين, أو ربط حلقة على العضد ظناً أن فيها شفاءاً لبعض الأمراض, أو تعليق تمائم وهى الحجاب الذي يعلق في الأعناق ظناً أن هذا يدفع العين أو المرض, وكالتولة التي تصنعها المرأة تظن أنها ستجلب لها حب زوجها, فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا كله, وسمى بعضه شركاً , فهذه الأمور يجب الإمتناع عن التداوي بها لحرمتها.

وقد وردت هذه الأمور في أحاديث منها :

روى الإمام أحمد في مسنده قال : حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك عن الحسن قال أخبرني عمران بن حصين: “أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة أراه قال من صفر فقال ويحك ما هذه قال من الواهنة قال أما إنها لا تزيدك إلا وهنا انبذها عنك فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا ” .
ما رواه ابن جرير وصححه ” عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عبد الله بن عكيم الجهني خرج به خراج فقيل له ألا تعلق عليه خرزا؟ فقال: لو علمت أن نفسي تكون فيه ما علقته ثم قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهانا عنه .

ما أورده أحمد في مسنده وأبو داود وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الرقى والتمائم والتولة شرك ” وصححه السيوطي .

ما رواه ابن ماجة قال ” حدّثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ. حدّثنا وَكِيعٌ عَنْ مُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةً مِنْ صُفْرٍ. فَقَال :
(مَاهذِهِ الْحَلْقَةُ؟) قَالَ: هذِهِ مِنَ الْوَاهِنَةِ. قَالَ (انْزِعْهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْناً)
في الزوائد: إسناده حسن.


القسم الثالث: ما يدل النص على جوازه شرعا أو استحبابه

مثل الرقى الشرعية المأثورة ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، كلما أشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها “.

وكما أخرج النووي في الأذكار النبوية قوله ” وروينا في صحيح مسلم رحمه اللّه، عن عثمان بن أبي العاصي رضي اللّه عنه أنه شكا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجعاً يجده في جسده، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم “ضَعْ يَدَكَ على الَّذِي يألمُ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ ثَلاثاً، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرّ ما أجِدُ وأُحاذِر”.

وكذلك ما ورد صحيحا في كثير من كتب السنة فقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال:” بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ثلاثين راكبا، فنزلنا بقوم من العرب، فسألناهم أن يضيفونا فأبوا، فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا: فيكم أحد يرقي من العقرب؟ فقلت: نعم أنا. ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئا قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة فقال: فقرأت عليه {الحمد} سبع مرات فبرأ، فلما قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها، فكففنا حتى أتينا النبي فذكرنا ذلك له قال “أما علمت أنها رقية! اقتسموها واضربوا لي معكم بسهم”.

وليس في هذا نهي عن الأخذ بأسباب العلاج من أدوية وغيرها, فقد سبق إيراد ما أمر النبي فيه بالتداوي : “نعم يا عباد الله تداووا , فإن الله عز وجل لم يضع داءا إلا وضع له شفاء غير داء واحد”

والملاحظ هنا أن الصحابي رقى بالفاتحة بشيء ألقي في روعه, ثم توقفوا عن الإنتفاع بالأجر حتى يعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم جواز ذلك فأقرهم فأصبحت سنة تقريرية, وإحداث جديد بالقياس على ذلك بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أمر فيه نظر لغياب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يصوب او يخطأ, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز أمورا أخرى استحسنها بعض المسلمين في حياته.

مثل ما روى البخاري في حديث الربيع بنت معوذ قالت :
“جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على غداة بنى بي فجلس على فراشي وجويريات لنا يضربن بدفهن ويندبن من قتل من آبائي إلى أن قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال لها: اسكتي عن هذه وقولي الذي كنت تقولين قبلها” .


ومعلوم أن القرآن فيه شفاء للصدور بنص القرآن , وقال البعض: للأبدان أيضاً.

يقول القرطبي في تفسير قوله تعالى “وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً”، إختلف العلماء في كونه شفاء على قولين:

أحدهما: أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وإزالة الريب، ولكشف غطاء القلب من مرض الجهل لفهم المعجزات والأمور الدالة على الله تعالى.
الثاني: شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقي والتعوذ ونحوه. ( انتهى كلام القرطبي )

ويختارالدكتور يوسف القرضاوي المعنى الأول أى أنه شفاء لما في الصدور فيقول عن هذا المعنى في كتابه “كيف نتعامل مع القرآن العظيم” “أما قول الله تعالى : “قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء” فالمراد هنا الشفاء المعنوي لا المادي والعضوي, شفاء العقول من الضلالة , والقلوب من العمى, ولذا قال في الآية الأخرى “يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين”, فبينت الآية أن الشفاء , إنما هو (لما في الصدور) أى أنه شفاء معنوي يحمل الهداية للضالين , والنور للمتخبطين .

ولو أن المسلمين الأوائل ساروا على طريق هؤلاء الأواخر , الذين فتحوا (عيادات) يزعمون أنهم يعالجون الناس فيها بالقرآن, ما قامت للطب قائمة في الحضارة الإسلامية, ولا ظهر في الأمة عباقرة الأطباء, الذين طبقت شهرتهم الأفاق , وكانت كتبهم مراجع علمية عالمية لعدة قرون.

ومنهم من جمع بين علم الطب وعلوم الدين, ونبغ في كل من المجالين , مثل ابن رشد صاحب (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) في الفقه المقارن , وصاحب (الكليات في الطب), الذي ترجم إلى اللاتينية, وانتفع به الأوربيون لعدة قرون , ومثل الفخر الرازي الذي كانت شهرته في الطب لا تقل عن شهرته في التفسير والأصول وعلوم الدين, ومثل ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى, الذي ترجم له السبكي في طبقات الشافعية .

لقد عرف المسلمون منذ عصر الصحابة أن بركة القرآن ليست في حمله ولا تعليقه ولا تزيين البيوت به, ولا الإستشفاء بآيات يتلوها شيخ أو مطوع , أو يكتبها في صحن ثم يمحوها ويشرب ماءها .. إلى آخر هذه الغرائب … إنما بركة القرآن حقا في اتباعه والعمل به وهو ما ذكره القرآن نفسه حين قال ” وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ” فالبركة كما تشير الآية الكريمة في اتباعه واتقاء الله به, وبهذا ترجى رحمة الله أيضا ” لعلكم ترحمون” (انتهى كلام الدكتور القرضاوي) .

أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية


القسم الرابع: أمور قالها النبي صلى الله عليه وسلم أو فعلها و لها من النصوص في القرآن أوالسنة الصحيحة شواهد وقرائن تدل على أن هذا وحي

فهي وحي فيه صفة الإرشاد إلى أمر يعلمه النبي من ربه, وإن كان خبرا لا إلزام فيه بشيء, مثل ما جاء في صحيح مسلم :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ. قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَىَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “اسْقِهِ عَسَلاً” فَسَقَاهُ. ثُمّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنّي سَقَيْتُهُ عَسَلاً فَلَمْ يَزِدْهُ إِلاّ اسْتِطْلاَقاً. فَقَالَ لَهُ ثَلاَثَ مَرّاتٍ. ثُمّ جَاءَ الرّابِعَةَ فَقَالَ: “اسْقِهِ عَسَلاً” فَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلاّ اسْتِطْلاَقاً. فَقَال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ اللّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ , فَسَقَاهُ فَبَرَأ “َ .

يقول النووي في شرح هذا الحديث : قوله صلى الله عليه وسلم: (صدق الله وكذب بطن أخيك) المراد قوله تعالى: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} وهو العسل، وهذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم بأن الضمير في قوله تعالى: {فيه شفاء} يعود إلى الشراب الذي هو العسل وهو الصحيح، وهو قول ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة وغيرهم.

وقال مجاهد: الضمير عائد إلى القرآن وهذا ضعيف مخالف لظاهر القرآن ولصريح هذا الحديث الصحيح، قال بعض العلماء: الاَية على الخصوص أي شفاء من بعض الأدواء ولبعض الناس، وكان داء هذا المبطون مما يشفى بالعسل، وليس في الاَية تصريح بأنه شفاء من كل داء، ولكن علم النبي صلى الله عليه وسلم أن داء هذا الرجل مما يشفى بالعسل والله أعلم .(إلى هنا انتهى كلام النووي).

فوائد العسل - الآية: "شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس" - الحديث: "صدق الله وكذب بطن أخيك"
فوائد العسل – الآية: “شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس” – الحديث: “صدق الله وكذب بطن أخيك”

ففي هذا الحديث ينص النبي صلى الله عليه وسلم على كذب بطن الرجل وصدق الله تعالى في قوله سبحانه عن العسل ” فيه شفاء للناس ” والنووي يعرف دلالات الآية ولذلك يقول بأن العسل فيه ” شفاء ” بالتنكير وليس ” الشفاء ” بالتعريف, فهو شفاء لأمراض دون أمراض , وليس لكل الأمراض .

فمن أراد أن يستفيد من خاصية العسل في شفاء الأمراض التي يكون سببا في شفائها, او الحبة السوداء أو الكى وغيره مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحا, فليعكف على دراسته بمنهج علمي في جامعات أو معاهد علمية متخصصة, ولا مانع أن يشارك فيها علماء الطب والصيدلة ومعهم علماء الشريعة كل فيما يخصه, أما أن يوصف كل شيء لكل الأمراض كما هو شائع بين الناس, حتى أصبح العسل مما يوصف لمرضى السكري فيزيدهم مرضا على مرض , فهذا جهل بالقرآن وجهل بالطب على سواء, ومر بنا للتو قول النووي في شرحه للحديث ” علم النبي صلى الله عليه وسلم أن داء هذا الرجل مما يشفى بالعسل والله أعلم “.


القسم الخامس: أمور فعلها النبي صلى الله عليه وسلم في التداوي باعتبار أن هذا هو الطب الممارس في عصره

فلم يرد عن النبي مثلاً أنه صلى الله عليه وسلم ترك طب عصره وأخذ بطب قديم قد عزف عنه الناس وأمر هو به حتى نبحث عن سبب لذلك لعله يكون تشريعاً جديداً. وكذلك لم تكن الأدوية المعروفة الآن من أقراص وحقن وأشربة وجراحة ومناظير موجودة، ثم تركها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحجامة والكي والحناء فنقول أن في ذلك تشريعاً. وهذه الأمور يمكن أن تدخل تحت النوع الثالث مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه الأصوليون عن كونه سنة وهو ” ما حصله من الخبرة البشرية في حياته الخاصة ” , وهذه النتيجة تحتاج إلى مزيد من الاستدلال الشرعي, وأقوال علماء مدعومة بأدلة من مصادر التشريع المعتبرة عند العلماء, ثم بعد ذلك أدلة عقلية ومنطقية, وهو ما نحاول أن نسهم فيه الآن وندعو أهل العلم ليدلوا فيه بدلوهم.


أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية

وبعد أن انتهى الكاتب من توضيح أقسام ما جاء عن النبي في الأمور الطبية فإنه سيفرد الفصل القادم للبحث والتحقيق والرد على بعض أهم الشبهات المنتشرة بخصوص الطب النبوي.

انتقل للفصل الخامس من هنا: ((شبهات عن الطب النبوي تحتاج إلى تحقيق))

د.محمد منصور

دكتور محمد منصور طبيب الباطنة والكلى مستشفيات جامعة ليستر - بريطانيا مؤسس قناة و موقع الدكتور

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى