علاقة الطب النبوي بالسنة النبوية – الفصل الثالث من كتاب “الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء”
(هذا هو الفصل الثالث من كتاب: الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء – لمؤلفه الدكتور عصام منصور – ويعرض هذا الفصل لعلاقة الطب النبوي بالسنة النبوية مبيناً التعريف اللغوي والاصطلاحي للسنة وأقسام السنة النبوية والأقسام التي أخرجها علماء الأصول من السنة النبوية)
انتقل للفصل الثاني من هنا: ((نبذة تاريخية عن الطب النبوي))
لتحديد مكان ما يسمى بالطب النبوي في السنة يجب ابتداءا تحديد ما هي السنة .
فالسنة لغة : الطريقة والعادة، وهكذا عرفها النحاة .
والسنة في اصطلاح المحدّثين : هي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم( من قول أو فعل أو وصف أو تقرير) .
ويراد بالقول: كلام النبي المرفوع إليه بإسناد.
ويراد بالفعل ما أخبر به الصحابة الكرام أو التابعون من أحوال النبي .
أما التقرير: فهو ما رآه من أحوال الصحابة فلم ينكره ولم يأمر به .
وتعددت مناهج العلماء في تعريف السنّة، والتعريفُ السابق هو تعريف المحدثين
أما تعريف الأصوليين فهو: السُّنة : هي ما يثابُ فاعله ولا يعاقب تاركه .
أقسام السنة النبوية – علاقة الطب النبوي بالسنة النبوية
ولسنا بصدد الحديث عن مكانة السنة التي هي المصدر الثاني للتشريع في الإسلام بعد القرآن, لأن هذا بحث وحده , ولكن تكفي هنا الإشارة إلى أمر الله بالأخذ بها في قوله تعالى من سورة الحشر ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” وتحذيره سبحانه لمن يعرض عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النور : ” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ” .
وبالتالي فنحن لسنا بصدد الكلام حول اتباع السنة من عدمها, فهذا أمر محسوم بما سبق وبقوله تعالي” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ” سورة الأحزاب , وبغير ذلك كثير, ولكن الحديث يدور حول : هل قضى الله ورسوله أمرا في أمور الطب فلا يحق لأحد من المؤمنين أن يكون له الخيرة فيه؟ , أم أن أمور الطب ليست مما قضيا به؟ , أم أن هناك منزلة وسط بين الإثنتين ؟ .
فنجد أن علماء الأصول يخرجون أربعة أشياء وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعتبرونها من السنة, أي لا تكون محلا لتشريع , وفي كتاب شرح المعتمد في أصول الفقه للدكتور محمد حبش ينظم المؤلف ذلك شعرا ثم يشرحه فيقول :
وأربَعٌ لم تُعتَبرْ في السُّنَّةْ * ما كانَ قبلَ بعثةٍ ومِنَّة
والثانِ ما أتى على الجِبِلَّة * وما استَقى.. كطِبِّه في العِلَّة
رابعُها ما خصَّهُ بالذَّاتِ * من حالِهِ كعدِدِ الزَّوْجاتِ
الأولى: ما كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ( لأنه لا تشريع فيه).
الثانية: أفعال النبي الجبلية التي لم يقم دليل على اعتبار مشروعيتها( لكن قالوا: نعم يثاب من قلده في ذلك لحبه وإخلاصه) , مثال ذلك أنه كان يحب أكل القرع مثلا .
الثالثة: ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بمقتضى ما حصله من الخبرة البشرية في حياته الخاصة ).
الرابعة: مسائل مخصوصة به قام الدليل على أنه لا يجوز لأحد التأسِّي بها ( كالزواج بأكثر من أربع، والوصال في الصيام ) .
وعلى ذلك فعلى تعريف اللغويين لا شك أن كيفية تداوي النبي صلى الله عليه وسلم كان سنة بمعنى طريقة في التداوي باعتبار أن أي طريقة لأي أحد في أي شأن تكون سنة عن هذا الأحد في هذا الشأن , أي أنها سنة عن أصحاب هذا العصر مسلمهم وكافرهم لأن هذه كانت طريقتهم في التداوي, ولكن علاقته بالسنة الشرعية تختلف حسب قوة ثبوت الدليل الشرعي من حيث كونه ظنيا أو قطعيا, ومن حيث موضوعه هل يتناول أمورا شرعية أم دنيوية بحتة وهل هو أمر خاص بالنبي وحده أم مقصوده الإتباع .
وبعد أن وضح المؤلف الدكتور عصام منصور في هذا الفصل تعريف السنة لغةً واصطلاحاً فإنه سيفرد الفصل الرابع لتوضيح أقسام ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من أمور طبية، سواءاً ما كان منها إقراراً لما هو موجود أو ما خالف الشرع ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الأقسام الخمسة التي سيأتي ذكرها.
انتقل للفصل الرابع من هنا: ((أقسام ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور الطبية))