مقالات الرأي الطبيمقالات طبية

الدكتور محمد سليمان الأشقر والطب النبوي – الفصل السادس من كتاب “الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء”

هذا هو الفصل السادس من كتاب “الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء” لمؤلفه الدكتور عصام منصور، وفي هذا الفصل يوضح الكاتب موقف الشيخ العلامة الدكتور محمد سليمان الأشقر والطب النبوي ويوضح أقوال العلماء والأصوليين في اعتقادات وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الدنيا.

انتقل للفصل الخامس من هنا: ((شبهات عن الطب النبوي تحتاج إلى تحقيق))


الدكتور محمد سليمان الأشقر والطب النبوي

وأحب أن أنقل هنا قول الدكتور محمد سليمان الأشقر الفقيه الدستوري والأستاذ بجامعة الكويت, وقد يكون عجيبا أن أستشهد برأي عالم معاصر كالدكتور الأشقر بعد كل ما ورد مما فيه الكفاية وزيادة لعلماء في وزن البخاري ومسلم والنووي والعسقلاني والشيرازي والسيوطي, ولكن هؤلاء العلماء ما كان ليدور بخلدهم ما يحدث اليوم في الساحة الإسلامية بخصوص ما يسمى بالطب النبوي, حتى أن كثيرا من المسلمين لا يعرف من الإسلام إلا الطب النبوي فهو يلهث وراء من يعالجه به ولربما يكون غير محافظ على الصلاة أو تاركا لها.

ولذلك فرأي عالم عايَشَ هذه الضجة والجلبة والصخب التي اختلطت فيها المفاهيم أمر له وجاهته (والدكتور الأشقر لمن لا يعرفه كان مدرساً في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض منذ أوائل ستينيات القرن الماضي, ثم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عندما كان يدرس فيها الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله والشيخ الألباني رحمه الله ثم في جامعة الكويت).

الشيخ الدكتور محمد سليمان الأشقر - هل النبي معصوم من الخطأ؟
العالم الأردني فلسطيني الأصل الشيخ الدكتور محمد سليمان الأشقر – هل النبي معصوم من الخطأ؟

حيث يقول الدكتور محمد سليمان الأشقر في الأحاديث الواردة في الشؤون الدنيوية, وذلك في بحث قدمه في مؤتمر الطب النبوي بدبي سنة 2004م , يقول:

“الأصل في أقوال النبي محمد وأفعاله وتقريراته أنها حجة شرعية على عباد الله، إن ثبتت بطريق صحيح . وقد تكفل ببيان ذلك والاستدلال له علم أصول الفقه.

وهذا واضح كل الوضوح فيما كان من ذلك مبيناً لأمور الدين، كالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله، والإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، وكالأحاديث المبينة لأحكام الله تعالى من الحلال والحرام والفرائض وأنواع التعبدات والمعاملات وغيرها من أمور الشريعة.

أما الأمور الدنيوية، فهل يلزم أن تكون اعتقاداته وأقواله فيها مطابقة للواقع بمقتضى نبوته، أو أن هذا أمر لا صلة له بمنصب النبوة؟

اختلف العلماء في ذلك على مذهبين

المذهب الأول: أنه معصوم من خطأ الاعتقاد في أمور الدنيا، بل كل ما يعتقده في ذلك فهو مطابق للواقع، وكذلك ما يقوله ويخبر به

ولم نجد أحدا من قدماء الأصوليين صرح بمثل هذا المذهب. ولكنه لازم لمن جعل جميع أقواله وأفعاله حجة حتى في الطيبات والزراعة ونحوها. وهو لازم أيضا لمن صحح منهم أن تقريره لخبر عن أمر دنيوي يدل على صحة ذلك الخبر، كما فعل السبكي وأيده المحلي والبناني.

وابن القيم في كتابه (الطب النبوي) يذهب إلى حجية أقواله وأفعاله في الطب. وقال : طب النبي متيقن قطعي إلهي ، صادر عن الوحي ومشكاة النبوة وكمال العقل.

ويظهر أن هذه طريقة المحدثين. فإنا نجد عند البخاري مثلا هذه الأبواب (باب السعوط) (باب أي ساعة يحتجم) (باب الحجامة في السفر) (باب الحجامة على الرأس) (باب الحجامة من الشقيقة والصداع) وعند غيره من المحدثين ، كأصحاب السنن، تبويبات مشابهة. ويوافقهم الشراح غالبا على ذلك ، فيذكرون استحباب أدوية معينة لأمراض معينة، بناء على ما ورد في ذلك من الأحاديث النبوية.

المذهب الثاني: أنه لا يجب أن يكون اعتقاده في أمور الدنيا مطابقا للواقع، بل قد يقع الخطأ في ذلك الاعتقاد قليلا أو كثيرا، بل قد يصيب غيره حيث يخطيء هو

قالوا: وليس في ذلك حط من منصبه العظيم الذي أكرمه الله به، لأن منصب النبوة مُنصب على العلم بالأمور الدينية، من الاعتقاد في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ومن الأمور الشرعية.

أما إن اعتقد أن فلانا مظلوم فإذا هو ظالم، أو أن دواء معينا يشفي من مرض معين، فإذا هو لا يشفى منه، أو أن تدبيرا زراعيا أو تجاريا أو صناعيا يؤدي إلى هدف معين، فإذا هو لا يؤدي إليه، أو يؤدي إلى عكسه، أو أن تدبيرا عسكريا أو إداريا سينتج مصلحة معينة، أو يدفع ضررا معينا، فإذا هو لا يفعل، فإن ذلك الاعتقاد لا دخل له بالنبوة، بل هو يعتقده من حيث هو إنسان، له تجاربه الشخصية، وتأثراته بما سبق من الحوادث، وما سمع أو رأى من غيره، مما أدى إلى نتائج معينة.

فكل ذلك يؤدي إلى أن يعتقد كما يعتقد غيره من البشر، ثم قد ينكشف الغطاء فإذا الأمر على خلاف ما ظن أو اعتقد.
وقد صرح بهذا المذهب، دون تفاصيله، القاضي عياض ، والقاضي عبد الجبار الهمداني المعتزلي والشيخ محمد أبو زهرة . وظاهر الحديث أنه كغيره من الناس في ذلك، بل فيه التصريح بأن أصحاب الخبرة في صنائعهم وتجاراتهم وزراعاتهم قد يكونون أعلم منه بدقائقها، إلا أن القاضي عياضاً أوجب أن يكون الخطأ في ذلك نادراً لا كثيرا يؤذن بالبلة والغفلة ” (إلى هنا انتهى كلام الدكتور الأشقر)

ثم احتج الدكتور لصحة المذهب الثاني بأدلة شرعية ذكرت بعضها فيما ذكرت مما يغني عن إعادة سردها هنا .

وإذا كان كل ما يقوله النبي من أمور الدنيا وحياً كما يقول البعض , فما معنى وما فائدة أن يأمره الله سبحانه فيقول له “وشاورهم في الأمر”؟

ويأتي هذا الأمر بعد مشاورته صلى الله عليه وسلم لهم قبل غزوة أحد فحدث فيها ما حدث , ورغم ذلك يأمره الله بمشاورتهم بعدها, فكان صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمور الهامة التي لم يوح إليه فيها بأمر من الله؛ شاورهم يوم ” بدر” في الذهاب إلى العير، ولم يكتف برأي المهاجرين حتى اطمأن إلى موافقة الأنصار.

وشاورهم أيضًا أين يكون المنزل فنزل على رأي الحباب بن المنذر، وشاورهم في الخروج يوم “أحد” – كما ذكرنا-، وشاورهم يوم “الخندق” في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ، فأبى ذلك عليه السعدان – سعد بن معاذ وسعد بن عبادة – فترك ذلك.

وشاورهم يوم “الحديبية” في أن يميل على ذراري المشركين، فقال له الصدِّيق: إنَّا لم نجيء لقتال أحد، وإنما جئنا معتمرين، فأجابه إلى ما قال، وقال صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك: (أشيروا عليَّ معشر المسلمين في قوم أبنوا ” أي اتهموها، والأبن: التهمة ” أهلي ورموهم)، واستشار عليًا وأسامة في فراق عائشة رضي الله عنها.

قال ابن كثير بعد أن ذكر هذه المشاورات كلها: “فكان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها” .


وبعد أن عرض الكاتب رأي الشيخ العلامة الدكتور محمد سليمان الأشقر في الطب النبوي و أقوال العلماء والأصوليين في اعتقادات وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الدنيا، ينتقل الكاتب في الفصل السابع لتفصيل الكلام في العلاج بالحجامة

انتقل للفصل السابع من هنا: ((تفصيل الكلام في الحجامة))

د.محمد منصور

دكتور محمد منصور طبيب الباطنة والكلى مستشفيات جامعة ليستر - بريطانيا مؤسس قناة و موقع الدكتور

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى