مقالات الرأي الطبيمقالات طبية

تفصيل الكلام في الحجامة – الفصل السابع من كتاب “الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء

هذا هو الفصل السابع من كتاب “الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء” لكاتبه الدكتور عصام منصور، وفي هذا الفصل يوضح وينقد الكاتب بالتفصيل ما يتم الاستدلال به في حجية العلاج بالحجامة من أحاديث وأقوال وأدلة طبية و شرعية

انتقل للفصل السادس من هنا: ((رأي العلامة الدكتور محمد سليمان الأشقر في الطب النبوي))


تفصيل الكلام في الحجامة

وأما فيما يختص بأخذه صلى الله عليه وسلم ببعض أنواع هذه الأدوية وأمره بها, ونتحدث بالذات عن الحجامة لشدة توسع الناس فيها حتى أن بعض الأطباء تركوا ما تخصصوا فيه واشتغلوا بها, كما مارسه كثير من العامة على أنه يمارس الطب النبوي, فإنه يُرَد على ذلك أيضاً بأنه من أمور الدنيا التي وكلها النبي صلى الله عليه وسلم للناس لأنهم أعلم بأمور دنياهم, ويكون فيما سبق جواباً شافياً لمن كان يبحث عن رأي الشرع في هذا الأمر.


ولكن قد لايقتنع البعض بهذا الرد رغم ما تم إيراده في هذا الشأن من كلام النووي والشيرازي ونص أحاديث للبخاري وغيره من تفسيرهم للآيات وشرحهم للحديث, وهذا الذي لا يقبل الدليل الشرعي من الكتاب والسنة لا يجب أن يضيع الوقت معه في إقناعه بالمنطق والعقل, لأن إقتناعه في هذه الحالة لن يكون له علاقة بالدين والشرع, ففي الشرع العلم هو ” قال الله قال رسوله “, ونحن إنما نتحدث عن موقف الشرع فالدليل لابد أن يكون شرعياً, والمعلوم أن العقل الصحيح والمنطق السليم لن يعارضا دليلاً شرعياً قطعي الدلالة والثبوت, ولكن نضيف في هذه النقطة الآتي لمن كان الأمر قد انتهى معه إلى الوقوف عند الأدلة , فنضيف ذلك استئناساً وليطمئن القلب :


معظم أحاديث الحجامة ضعيفة, ونمثل لبعض أحاديث الحجامة بما يأتي

أحاديث الحجامة الضعيفة

  • أخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نزلت سورة الحديد يوم الثلاثاء، وخلق الله الحديد يوم الثلاثاء، وقتل ابن آدم أخاه يوم الثلاثاء، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجامة يوم الثلاثاء ” .
  • أخرج الطبراني في الكبير عن أم سلمة” إن الحجامة في الرأس دواء من كل داء: الجنون والجذام، والعشا، والبرص، والصداع ” .
    وقال السيوطي: ضعيف
  • أخرج الترمذي عن أبي سعيد” ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة، والقيء، والاحتلام” .
    تصحيح السيوطي: ضعيف .
  • وفي الجامع الصحيح روى ابن سعد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” الحجامة في الرأس هي المغيثة، أمرني بها جبريل حين أكلت طعام اليهودية ” .
    تصحيح السيوطي: ضعيف
  • وأخرج ابن ماجة والحاكم في المستدرك وابن السني وأبو نعيم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” الحجامة على الريق أمثل، وفيها شفاء وبركة، وتزيد في الحفظ وفي العقل. فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس. واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد. واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء. واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء فإنه اليوم الذي ابتلي فيه أيوب، وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو في ليلة الأربعاء” . تصحيح السيوطي: ضعيف (الجامع الصغير)
  • وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة ” الحجامة تنفع من كل داء، ألا فاحتجموا” . قال السيوطي: ضعيف (الجامع الصغير )
  • وفي الجامع الصغير للسيوطي:” الحجامة تكره في أول الهلال، ولا يرجى نفعها حتى ينقص الهلال”. وقال السيوطي: ضعيف‏
  • وأخرج أبو نعيم في الطب عن علي رضي الله عنه” خير الدواء الحجامة والفصادة” .
    تصحيح السيوطي: ضعيف
  • أخرج الترمذي والبيهقي في سننه وابن حبان في “الضعفاء” حديث أبي سعيد الخدري” ثلاث لا يفطرن الصائم : الحجامة والقيء والاحتلام ” .
تفصيل الكلام في الحجامة - ما هي أحاديث الحجامة الضعيفة والصحيحة؟ - الطب النبوي الحقيقة والإدعاء
تفصيل الكلام في الحجامة – ما هي أحاديث الحجامة الضعيفة والصحيحة؟ – الطب النبوي الحقيقة والإدعاء

والسؤال هنا هل يعني ذلك أنه لم يرد في الحجامة أحاديث صحيحة؟

والجواب أنه وردت بعض الحاديث الصحيحة ولكن الناس صرفتها عن معناها , وأهملت ما قاله فيها العلماء الثقات جهلاً أو قصداً ونمثل لها بما يلي :

أحاديث الحجامة الصحيحة

“إن كان في أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة من عسل، أو لذعة بنار ترافق داء، وما أحب أن أكتوي”

متفق عليه [البخاري ومسلم]

ونلاحظ قول النبي صلى الله عليه وسلم” في أدويتكم ” وكثير من المسلمين يصر على أن يجعلها أدويته هو صلى الله عليه وسلم! فهو يتحدث عما في أيدي الناس يومئذ من دواء وينسبه إليهم فينسبونه إليه, ويقولون هو طب نبوي ومعلوم أن هذه الأدوية هي ما كان العرب يستخدمونه في الجزيرة العربية حتى قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم .

وهنا نحب أن نذكر ثانية بحديث مسلم “إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر” نورد الحديث للتذكرة رغم أن هذا ليس أمراً منه صلى الله عليه وسلم وإنما إرشاد في أمر دنيوي .

وهذا الحديث الذي أخرجه البخاري: “

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال “الشفاء في ثلاثة شربة عسل وشرطة محجم وكية نار وأنهى أمتي عن الكي”.

يقول ابن حجر العسقلاني في شرحه للحديث” قلت :ولم يُرد النبي صلى الله عليه وسلم الحصر في الثلاثة, فإن الشفاء قد يكون في غيرها, وإنما نبه بها على أصول العلاج, وذلك أن الأمراض الإمتلائية تكون دموية وصفراوية وبلغمية وسوداوية, وشفاء الدموية بإخراج الدم, وإنما خص الحجم بالذكر لكثرة استعمال العرب والفهم له, فإنه وإن كان في معنى الحجم لكنه لم يكن معهودا لها غالبا, على أن في التعبير بقوله” شرطة محجم ” ما قد يتناول الفصد ( انتهى كلام ابن حجر ).

وابن حجر في هذا الكلام يضمن الحديث معنى الفصد, أي سحب الدم أو إسالته, وهو ما يشبه الآن التبرع بالدم عندما يستقبل الدم المفصود في أكياس خاصة .

والحديث الصحيح الآخر المتفق عليه بين البخاري ومسلم عن أنس” أمثل ما تداويتم به الحجامة، والقسط البحري “القسط”: بخور معروف (هو العود الهندي).

يقول السيوطي معلقا على هذا الحديث :” وهذه النصيحة هي بالنسبة لمن يليق له ذلك التداوي، ويختلف ذلك باختلاف البلدان والأزمان والأشخاص” (إلى هنا انتهى كلام السيوطي ) .

فالسيوطي رحمه الله يقول أن كلامه صلى الله عليه وسلم الصحيح عن الحجامة إنما هو نصيحة لا أمر، وأنها لمن يصلح له فقط .

وعليه يجب أن يعرض هذا على الطب الحديث فإن وافقه فبها ونعمت ونزداد بركة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله, وإن أكد العلم غير ذلك فقد أخبرنا عليه الصلاة والسلام ألا نأخذ به فإنما هو اجتهاد بشر فيما لا تشريع فيه.


والمشاهد في ذلك أن الناس تفننت في إضفاء الطقوس على ممارسة الحجامة, وحددوا لكل مرض مكاناً تعمل فيه الحجامة لأن الدم الفاسد المحمل بالأخلاط المرضية يحجم في هذا الموضع, وأصبحت هذه الممارسات التي لم يسمع بها النبي صلى الله عليه وسلم في حياته مقدسة عند الناس لأنها “طب نبوي” كما يظنون .

والعلم الشرعي يخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل شيئا من ذلك, بل قال “أنتم أعلم بأمر دنياكم” كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه .

ما معنى أنتم أعلم بأمر دنياكم - الطب النبوي - الحقيقة والإدعاء - حقيقة الحجامة
ما معنى أنتم أعلم بأمر دنياكم – الطب النبوي – الحقيقة والإدعاء – حقيقة الحجامة

وعندما نطيع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم في ذلك, ونبحث في أمر دنيانا, نجد أن العلم الطبي الدنيوي الثابت حتى الآن يخبرنا أنه لا يوجد شيء اسمه “دم الفاسد” يخرج من مكان محدد عند الحجامة, وإنما هي دورة دموية, فالدم في دوران دائم فما قدر له أن يمر لحظة الحجامة في مكان التشريط هو الذي يخرج وهو من جنس الدم الذي لم يخرج, لا هذا فاسد ولا ذاك صالح.

والعجيب أن الناس الذين يقسمون الدم إلى فاسد وصالح , مع عدم وجود الدليل الشرعي أو الدنيوي على هذا التقسيم, بل الدليل على عكس ذلك, العجيب أنه عندما يقوم بعمل تحليل لدمه ويتم سحب دم منه, ويحصل على نتائج التحليل لا يفكر لحظة أن ما سحب منه ربما كان هو الدم الفاسد, وبالتالي فنتائج التحليل مضللة لأنه لم يحلل الدم الصالح, لا يخطر بباله ذلك لسبب بسيط, هو أن تصور وجود دم فاسد هو نفسه تصور فاسد!

ويخبرنا العلم أيضا أن هذه الممارسات والتي أكثر من يمارسها هم من غير الأطباء أدت إلى نقل العدوي من شخص إلى شخص عن طريق الدم حتى تفشت في المجتمع أمراض كثيرة وخطيرة بزعم أن ذلك طباً نبوياً كما يظنون.

ويخبرنا العلم أيضا أن سحب الدم من المريض قد يفيد في بعض الحالات الطبية مثل بعض حالات إرتفاع ضغط الدم, أو زيادة خلايا الدم الحمراء بصورة كبيرة, فيحتاج المريض إلى سحب الدم من وقت لآخر وهو ما يمكن أن تفيد فيه الحجامة.

وفي هذه الحالة من الأفضل أن يكون ذلك في صورة تبرع بالدم في بنوك الدم المختصة, فيتم بطريق مأمونة من حيث عدم الإضرار بالمريض لدى كل من زعم أنه حجام وهو لا يعرف أبسط قواعد التعقيم ومنع العدوى التي أصبحت علما يدرس ويمارس في المؤسسات الطبية, كما يمكن الإستفادة من هذا الدم بنقله أو فصل مكوناته لينتفع بها مرضى في حاجة إليها.

وقد أخبرنا ابن حجر رضي الله عنه في شرحه السابق لحديث” الشفاء في ثلاثة ” أن هذا الحديث يشير أيضا إلى الفصد, أي سحب الدم.

وفي الوقت ذاته يخبرنا العلم أيضا أن هناك مرضى يضر بهم كثيرا سحب دماء منهم, بل إن بعض المرضى يكون علاجهم في نقل دم إليهم كبعض حالات فقر الدم الشديد, أو نقص بعض مكونات الدم مثل الصفائح الدموية, وكذلك أمراض مثل “الثلاسيميا” و سرطان الدم الأبيض وغيرها.

فماذا لو خضع هؤلاء لعملية حجامة من أناس لا يفقهون عن ذلك شيئاً؟ وماذا لو أجريت الحجامة لمريض ببعض الأمراض التي تحدث سيولة في الدم فلا يتوقف النزف حتى يموت المريض؟ فمن الذي قتله ؟! وما موقفهم من السنة وهم يدعون إحياءها و السنة تقول “من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن” أخرجه أبو داوود.

وهنا أحب أن أذكر بتعليق الإمام جلال الدين السيوطي على الحديث السابق ” الشفاء في ثلاثة ……. ” والذي يبين من تعليقه أنه رضى الله عنه كان أفقه من كثيرين من أهل عصرنا في أمور الدنيا والدين, حيث يقول “وهذه النصيحة هي بالنسبة لمن يليق له ذلك التداوي، ويختلف ذلك باختلاف البلدان والأزمان والأشخاص”.


حديث الشاه المسمومة دليل على أن الحجامة ليست تشريعاً

والذي يمارس الحجامة على أنها طب نبوي بمعنى أنه تشريع, نسوق له هذا الحديث الذي رواه البخاري فيقول “عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: لما فتحت خيبر واطمأن صلى اللّه عليه وسلم بعد فتحها أهديت للنبي صلى اللّه عليه وسلم شاة فيها سم، فلاك منها مضغة ثم لفظها حين أخبره العظم أنها مسمومة، وازدرد بشر بن البراء لقمة.

فقال صلى اللّه عليه وسلم ارفعوا أيديكم، وأرسل إلى اليهودية فقال هل سممت هذه الشاة؟ فقالت من أخبرك؟ قال أخبرتني هذه التي في يدي مشيراً للذراع. قالت نعم. قال لها ما حملك على ذلك. قالت إن كنت نبياً يطلعك اللّه وإن كنت كاذباً فأريح الناس منك. وقد استبان لي أنك صادق وأنا أشهدك ومن حضرك أني على دينك وأن لا إله إلا اللّه وأن محمداً عبده ورسوله فعفا عنها صلى اللّه عليه وسلم ولم يعاقبها.

وتوفى من أصحابه الذين أكلوا معه بشر بن البراء رضي اللّه عنه واحتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة”، وللحديث رواية أخرى ذكرها الطبراني في المعجم الكبير فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأمر أصحابه بالحجامة فمات بعضهم, ولو كان هذا وحياً ما حدث ذلك!

‏ففي معجم الطبراني الكبير: ” حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أحمد بن بكر البالسي ثنا زيد بن الحباب ثنا بن أبي ذئب عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه أن امرأة يهودية أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية بخيبر, فقال لها ما هذه قالت هدية, وحذرت أن تقول من الصدقة, فأكل وأكل أصحابه, ثم قال لهم أمسكوا, ثم قال للمرأة : هل سممت هذه الشاة ؟, قالت : من أخبرك ؟, قال هذه العظم لساقها, أوهو في يده؟ , قالت : نعم , قال : لم ؟ , قالت : قلت إن كنت كاذبا أن يستريح الناس منك وإن كنت نبيا لم يضرك, فاحتجم النبي صلى الله عليه وسلم على الكاهل وأمر أصحابه فاحتجموا فمات بعضهم”.

والمدقق في هذا الحديث يستطيع أن يجزم أن الذين ماتوا من الذين احتجموا لم تغن عنهم الحجامة ولم تدفع عنهم أثر السم القاتل, ولو كان هذا الأمر لهم بالحجامة وحياً لاستحال أن يحدث ذلك ولنفعتهم الحجامة بإذن الله, وفي الوقت ذاته لا يستطيع أحد أن يجزم أن الذين لم يموتوا كان ذلك بسبب الحجامة, فقد يكون كذلك, وقد يكون لأسباب أخرى كأن تكون جرعة السم التي تناولوها غير قاتلة خاصة أن المرأة أكثرت من السم في الذراع لأنها تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب الأكل منها, وما أكلوا هم منه كان قليل السم.

وقد يكون لغياب الحمض المعدي لديهم وهو أمر طبي معروف يحدث لدى البعض, وهذا الحمض له دور في تفعيل أثر بعض السموم, ومعلوم تاريخيا أن رجال القصر في روسيا القيصرية لما أرادوا قتل الراهب المزيف “راسبوتين” عندما عظم نفوذه في القصر, دسوا له كمية كبيرة من السم في فطيرة فلم تضره, مما زاد انبهار نساء القصر وإيمانهم بسلطانه الروحي, وفسرالأطباء ذلك بأن معدته كانت لا تفرز هذا الحمض.

أما الحديث عن عدم فعل السم في النبي صلى الله عليه وسلم, فلا السم ولا غيره كان يمكن أن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قال الله له “يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته, والله يعصمك من الناس”

يقول جلال الدين السيوطي في تفسير الجلالين :(يا أيها الرسول بلغ) جميع (ما أنزل إليك من ربك) ولا تكتم شيئاً منه خوفاً أن تنال بمكروه (وإن لم تفعل) أي لم تبلغ جميع ما أنزل إليك (فما بلغت رسالته) بالإفراد والجمع لأن كتمان بعضها ككتمان كلها (والله يعصمك من الناس) أن يقتلوك وكان صلى الله عليه وسلم يٌحرس حتى نزلت فقال: “انصرفوا فقد عصمني الله” رواه الحاكم ( انتهى كلام السيوطي)

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان معرضاً للأذى من قومه وغيرهم, ولكن الله كان عاصمه أن يقتلوه, فهو يعلم أن السم لن يقتله, ورغم ذلك احتجم أخذاً بالأسباب, فقد كان هذا هو السبب الموجود يومئذ.


ثم نريد أن نسأل من يقومون بالحجامة على أنها سنة وأنهم يحيون السنة,

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم كما تفعلون الآن؟

والإجابة ستصل بنا إلى أن الحجامين الآن لا يفعلون ما كان يفعل صلى الله عليه وسلم أو يفعل معه في الحجامة , فإن كانوا يرونها سنة, فهم لا يفعلون السنة لأنهم يفعلون خلاف ما كان يفعله, فمثلا كانت الحجامة على عهده مجرد تشريط للجلد يسيل بعده الدم كيفما اتفق.

أما الآن فهي تطهير للجلد أو تعقيم قبل وبعد التشريط بطريقة يختلف مستواها حسب المشتغل بها, ثم التشريط ووضع كاسات داخلها قوة شفط كانوا يحدثونها بنار تشعل في الكاسات فتستنفذ جزءاً من الهواء داخل الكأس فينتج عن ذلك قوة شفط تسحب كمية أكبر من الدم.

ثم اخترعوا كاسات بها قوة شفط ميكانيكي بغير نار, ولم يكن العرب يعرفون الكاسات أصلاً لا بنار ولا بغير نار, فهل هذه سنة كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم, والأعجب أنهم أدخلوا ما سموه الحجامة الجافة المعتمدة على التشفيط بدون تشريط للجلد , فأين شرطة المحجم هنا؟!

العلاج بالحجامة حالياً مختلف كثيراً عن الحجامة التي تحدث عنها الرسول (ص) - ما هي حقيقة العلاج بالحجامة علمياً -
العلاج بالحجامة حالياً مختلف كثيراً عن الحجامة التي تحدث عنها الرسول (ص) – ما هي حقيقة العلاج بالحجامة علمياً

والمشاهد أن الحجام يٌري المحجوم لون الدم وكيف أنه داكن اللون لكونه دما فاسداً, وعندما يراه المريض يجده داكناً فعلاً ويرى لونه مختلفاً عن الدم الذي يخرج منه إذا جرح, فيزداد إيمانا ويقينا بالنظرية الفاسدة للدم الفاسد!

أما كيف أنها نظرية فاسدة فلن نعيد الحديث الذي أصبح بديهياً عن الدورة الدموية, والتي ينقسم فيها الدم إلى دم شرياني يحمل الأكسجين والغذاء إلى الأنسجة, ودم وريدي يحمل ثاني أكسيد الكربون ونواتج العمليات الحيوية من الجسم إلى القلب فالرئتين, وهو نفسه الذي يترك هذه المواد ويحمل بالأخري ويصبح دما شريانياً, وهذه الدورة من بديهيات الطب التي تدرس في المدارس الإبتدائية الآن.

أما لماذا يكون الدم داكناً فالأمر مفهوم لدي الأطباء, ولمن أراد فهمه من غيرهم, فببساطة شديدة الدم المسحوب بالحجامة هو ذات الدم الذي يسيل من الجرح وبذات لونه لحظة خروجه, ولكن الحاجم يلفت نظر المحجوم إلى لون الدم القاتم بعد الفترة التي يترك الكأس فيها حتى تتجمع الكمية التي يريد فصدها, وخلال هذا الزمن يتم تجلط الدم الذي لا يحتاج لتجلطه إلا قرابة خمس دقائق, فيختلف تركيبه تبعا لذلك و لبقائه خارج الأوعية الدموية, فيتغير لونه.

وهذا مشاهد إذا قمت بذبح طير أو ذبيحة غيره, فإن الدم يخرج عند تدفقه عقب الذبح أحمر وردياً سائلاً ثم لا يلبث أن يتجمد (أى يتجلط) ويتغير لونه, ويستخدم الحجام هذه الخاصية الطبيعية في إفهام العامة أن هذا الدم له طبيعة خاصة لأنه دم فاسد كما يزعمون, إما جهلاً من الحجام وإما تغريراً للمحجوم ليقنعه أنه خلصه من الدم الفاسد.


وبعد أن انتهى الكاتب من تفصيل الكلام في الحجامة بالأدلة الشرعية والعلمية ووضح حقيقة الحجامة علمياً ووضح بالتفصيل كيف أن أحاديث الحجامة الضعيفة أكثر من أحاديث الحجامة الصحيحة وأن هذه الأحاديث الصحيحة تفسر في أطار الحديث الصحيح “أنتم أعلم بأمر دنياكم”، وكيف أن الحجامة التي تمارس حالياً تختلف تماماً عن الحجامة التي ذكرت في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ينتقل الكاتب في الفصل الثامن إلى رأي العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في التداوي بالقرآن.

انتقل للفصل الثامن من هنا: ((رأي الدكتور القرضاوي في التداوي بالقرآن وحقيقة حبة البركة والحبة السوداء))

يمكنك مشاهدة فيديو “الحجامة طب ولا عك” على قناة الدكتور من هنا

د.محمد منصور

دكتور محمد منصور طبيب الباطنة والكلى مستشفيات جامعة ليستر - بريطانيا مؤسس قناة و موقع الدكتور

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى